أهيم على وجهي في هذه الصحراء القاحلة وأسقط مغشيا علي من شدة القفر
نصف أغماضة في عيني .. وخيالا طائراً أصبح عقلي ، أجتاز فيه كل الحدود بدون جواز
وبدون ختم السفارات الكئيب
وجع في عمودي الفقري من كثرة السقوط ، ودوار يعقد تلافيف دماغي
فتتداخل الصور السوداء بالبيضاء ..
تتراءى لي سحابة ممطرة فوق رأسي بقسوة
تطرقني قطراتها كصفعات تأنيب الضمير.
أمد يدي الى الفضاء وأمسك بخيط شعاع متناغم الألوان يخترق أصابعي المنهكة
أحس ببرد هادئ يذكرني بليالي الصيف في بلدي الحزين..
ففي بلدي يتمازج الصيف مع الشتاء ويتوحد الربيع مع الخريف وتتراقص المراعي حاضنة ذراعي الصحراء الكئيبة
تتداخل الألوان ببعضها مرهقة !
هناك .. ما بين اللون الأخضر ولون نقاء مياه السواقي عصفورة فرت من بين أعواد الذرة المتكسرة
أجفلتها دعسات أغنام ذلك الراعي ..
نواح شبابته أيقظ شجوني وأسكن النعاس في قطيعه المتخم
نماذج جيرة حميمة يرسمها لنا سرب العصافير مع القطيع الناعس
فلا خوف ولا عتمة مقفرة بغير نجوم
..........
في بلدي تتصاحب القطط مع الفئران وتمضي سهراتها مجتمعة على النميمة ونسج المؤامرات
في بلدي كهوف تسكنها ظلال بشرية مقيدة أطرت الرطوبة عظام أقفاصها الصدرية
وفي بلدي رحاب خضراء ومراع وافرة قد أسقط الجوع الكافر ساكنيها
ها هي البواخر تنقل شحنات الحضارة عبر بوابات أوروبا محملة بحاويات القمامة الصفراء
لتوزعها كلاب قطاع الطرق على المفارق وعند إشارات المرور
في بلدي يلف الصقيع آبار الطاقة فيتدفأ الناس على الحطب الرطب وأعواد العيصلان البري فيخنق الدخان صدور الأطفال الغضة
يلف النسيج بأرغفة الخبز ويهرب معبأ بعلب التبغ الحمراء ويدمن الفقراء الجوع والبرد
..........
تعالي ياغزالة الجرد الهاربة من الكبت فصدري أمان وقلبي مليء بالأحاديث الناعمة
أحب هديل الحمائم في صوتك عند المغيب
وأعشق كل ذرة هواء سرقتها من الطبيعة، فقد مرت بالقرب من شفتيكِ السكر
تعالي نتسامر العشق تحت ظلال شجرة الخروب المثقلة بهموم الطبيعة وتنقية الهواء من أوساخ الدول السبع
..............
يا يائسا من حب السنابل
هل فيما يصبغ قلبك باللون الأحمر ذرة خير!!؟
سأفرغ جوع معدتي قيئا أسود على مركز طاولة أجتماعاتكم المستديرة
يا قدوة العالم المتحضر
ويا أمثولة وهم تمسكنا بدكة سروالها الداخلي لحد التوحد
أنا في أرض يحجبُ عني نور الشمس كثافةَ ظلال أشجار الرطب وأسقط متخما من الجوع في أرض تلفها المياه من الجهات الأربع
وأسقط مغشيا علي من شدة العطش
ويح أبيكم يا عظماء العالم
سأرضع طفلي من حليب الثعالب إن وجدت وأقدمه هدية لصاحب العمامة السوداء ليشرب من دمع عينه حين يبكيه حالنا
ولن أرميه لجوعكم الكافر تتغذى عليه غربان أحلامكم السوداء ... بلون ظلامكم
اتمنى ان يعجبكم